تغييب المجلس الوطني الفاسطيني
انعقاد المجلس بيد الأعضاء وليس فقط بيد الرئيس أو اللجنة التنفيذية
مقدمة
1- انتشرت في الوطن العربي ظاهرة استفتاء الشعوب من قبل الحكام، خاصة فيما يتعلق بالتعديلات الدستورية، وكان معظم هذه الاستفتاءات محل نقد لعدم استيفائها للشروط الموضوعية التي تحكم ممارسة حق الاستفتاء. ويجري الحديث هذه الأيام عن استفتاء الشعب الفلسطيني بشأن ما قد يتم التوصل اليه من اتفاق مع اسرائيل. إن الاستفتاء في حد ذاته أمر مرغوب فيه وتمارسه حكومات، بل وشعوب كثيرة، وفقا للأنظمة المتبعة فيها، ذلك أن الانظمة التي تهتم بأن تتتمشى مع تطلعات ومواقف شعوبها لا تكتفي بالاستفتاءات الرسمية التي تجريها بين الحين والآخر، وانما تتيح للشعب أن يكون هو المبادر الى ممارسة هذا الشأن ليتولى هو ابلاغ الجهات المختصة بما يراه في أي شأن من الشئون العامة. فتقوم المجموعات المختلفة بتنظيم الاستفتاء بمساعدة هذه الجهات، كما أن ما يجري من استطلاعات للرأي هو نوع من الاستفتاء، وإن كان الذي يقوم به مؤسسات تخصصت في الموضوع. ولذا فان الفقهاء يقسمون الاستفتاءات الى نوعين: نوع ملزم يجب اجراؤه والالتزام بنتائجه، ونوع غير ملزم لا باجرائه ولا بنتائجه. والنوع الملزم هو ما نصت القوانين أو الدساتير على وجوب اجرائه والالتزام بنتائجه، وتنص الدساتير والقوانين على الامور التي تخضع لهذا النوع من الاستفتاء. أما النوع غير الملزم فهو ما يجري من استفتاء في غير هذه الاحوال. ولا نريد التوسع في هذه المقدمة ، وسنقصر الحديث عن الشروط التي يجب أن تتوفر في الاستفتاء ليكون صحيحا وسليما من الناحية القانونية، سواء كان ملزما أو غير ملزم، خاصة في اطار الأوضاع الفلسطينية.
شروط صحة الاستفتاء
2- ليكون الاستفتاء صحيحا يجب أن يستوفي الشروط التالية على الأقل، ما لم تنص الدساتير أو القوانين على شروط اضافية أو شروط أخرى:
(أولا) أن يكون صادرا من الجهة المختصة قانونا باصداره. وهذا شرط له أهميته الخاصة في الاستفاءات الملزمة، لأنه لو جرى من قبل جهة غير مختصة فإنه يفقد صفة الالزام لصدوره من غير ذي صفة. فاذا كان الدستور مثلا يعطي حق الاستفتاء على تعديل الدستور لرئيس الدولة، فان صدوره مثلا من جانب الحكومة فقط أو السلطة التشريعية دون موافقة رئيس الدولة، فان الاستفتاء في هذه الحالة يكون باطلا وعديم الأثر.
(ثانيا) أن يسبق طرح الموضوع على الاستفتاء مراعاة ما تنص عليه القوانين أو الدساتير من اجراءات. فاذا كانت هناك نصوص تشترط مثلا موافقة السلطة التشريعية على اجراء الاستفتاء أو على موضوعه، فيجب الحصول على هذه الموافقة قبل طرح الموضوع للاستفتاء.
(ثالثا) أن يكون موضوع الاستفتاء محددا ودقيقا محصورا في نقطة واحدة معينة بحيث لا يجتمل سوى واحد من رأيين اما “نعم” واما “لا”. مثلا اذا كان الموضوع متعلقا بالمشروبات الروحية، يكون الاستفتاء بالصيغة التالية: ” هل توافق على السماح ببيع المشروبات الروحية؟” هذا سؤال لا يمكن الاجابة عليه الا بلا أو نعم. ولكن السؤال “هل توافق على بيع المشروبات الروحية وتقديمها للسياح فقط؟” لا يحتمل جوابا واحدا فقط بلا أو نعم لأنه ينطوي على موضوعين مختلفين: الاول البيع على اطلاقه والثاني حصر تقديم المشروبات بالسياح. ولذا يجب أن يكون هناك سؤالان منفصلين، الاول خاص بالبيع والثاني خاص بالتقديم للسيح فقط، وكل سؤال لا يحتمل سوى اجابة واحدة بلا أو نعم. ومعنى هذا أنه لا يجوز دمج موضوعين أو أكثر في رزمة استفتاء واحد يُطلب فيه جواب بنعم أو لا عن الرزمة مجتمعة. وهذه المسألة بالذات هي التي تقع فيها المناورات من قبل بعض الانظمة العربية وما جرى من بعض الاستفتاءات. فمثلا عندما يكون الاستفتاء مطلوبا في رزمة واحدة تضم تعديلات دستورية وقانونا خاصا بالاحزاب واتفاقية سلام مع اسرائيل، كيف يمكن الرد عليها مجتمعة بجواب واحد هو لا أو نعم؟ المواطن قد يكون موافقا على الواحد دون الآخر، وفي هذه الحالة لا تستقيم الاجابة على الرزمة بلا أو بنعم. ولذا يجب طرح هذه الموضوعات مستقلة عن بعضها البعض لابداء الرأي في كل منها على حدة. وحتى في التعديلات الدستورية عندما يتعرض التعديل لعدد من المواد. المفروض أن كل مادة تعالج موضوعا مستقلا، ولذا يجب الاستفتاء عنها مادة مادة، لا جمعها في رزمة واحدة يمتنع الرد عليها مجتمعة بلا أو نعم. فمثلا “هل توافق على تعديل المادة كذا من الدستور بحيث يأتي الرئيس بالانتخاب العام المباشر، وتعديل المادة مذا بحيث يشترط أن يكون المرشح للرئاسة رئيسا لحزب ممثل في مجلس الشعب؟” هذا لا يجوز لأن المواطن قد يؤيد الانتخاب المباشر ولا يؤيد القيد المفروض على المرشح، وقد يعترض على الاول ويوافق على الثاني. ولذا يجب طرح كل مادة يراد تعديلها على حدة ليقول المواطن رأيه فيها مادة مادة. أما دس السم في الدسم فير جائز.
(رابعا) أن تكون الفترة الزمنية بين الاعلان عن القرار باجراء الاستفتاء وموعد الاستفتاء الفعلي فترة معقولة تسمح للمؤيدين والمعارضين بعرض مواقفهم على الشعب ليأتي القرار عن وعي وادراك لمفهوم وأهمية ما هو مطروح للاستفتاء، فلا تسلق الامور سلقا سريعا، خاصة في قضايا جوهرية قد يصعب التخلص منها مستقبلا. وفي هذه الفترة الزمنية لا يجوز تقييد حرية الرأي أو ممارسة الضغوط أو الاعتقالات على المعارضين أو المخالفين، والا فقد الاستفتاء معناه.
وسنبحث الآن الوضع الفلسطيني ومدى توفر هذه الشروط فيه.
الاستفتاء الفلسطيني
الجهة المختصة بتقرير اجراء الاستفتاء
3 – موضوع الاستفتاء بشكل عام يتعلق باتفاقية تمس الشعب الفلسطيني كله وتؤثر في حاضره ومستقبله، وهو الى حد ما شكل من أشكال تقرير المصير. ولذا يجب الا يصدر الا عن الجهة التي تمثل الشعب الفلسطيني كله، وهذه الجهة هي منظمة التخرير الفلسطينية ممثلة بالمجلس الوطني الفلسطيني. اللجنة التنفيذية لجنة تنفيذية، أي أنها تنفذ السياسات التي يضعها المجلس الوطني، وليس لها الحق في تقرير هذه السياسات. فالمادة 15 من النظام الاساسي لمنظمة التحرير تنص على ما يأتي: ” اللجنة التنفيذية هي أعلى سلطة تنفيذية للمنظمة وتكون دائمة الانعقاد وأعضاؤها متفرغون للعمل، وتتولى تنفيذ السياسة والبرامج والمخططات التي يقررها المجلس الوطني وتكون مسؤولة أمامه مسؤولية تضامنية وفردية”. كما تنص الفقرة (د) من المادة 16 على أن تباشر ،على وجه العموم ” جميع مسؤوليات منظمة التحرير وفق الخطط العامة والقرارات التي يصدرها المجلس الوطني”. ومؤدى هذه النصوص أن اللجنة التنفيذية ليس لها الحق في أن تبدأ أوتباشر سياسات من جانبها الا في داخل الحدود التي رسمها المجلس الوطني، وأن المجلس هو صاحب القرار النهائي في هذه السياسات. صحيح أن المادة 16 (أ) من النظام الاساسي تنص على أن اللجنة التنفيذية تتولى “تمثيل الشعب الفلسطيني”. غير أن هذا التمثيل يمارس في حدود ما خولته الأداة المانحة له، وهو النظام الاساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وورد النص عليه في المادتين 15 و16(د)، وليس للجنة التنفيذية صفة تمثيلية خارج هاتين المادتين، لاسيما في رسم السياسات واتخاذ القرارات أو ابرام الاتفاقيات. لها أن تتفاوض في حدود ما قرره المجلس الوطني، والمجلس الوطني، الذي هي مسئولة أمامه، هو صاحب القرار في مدى التزام اللجنة التنفيذية بما حدده المجلس وقرره من سياسات. وفي ضوء هذا فانه لا يحق للجنة التنفيذية أن تتخطى المجلس الوطني وتطرح للاستفتاء على اتفاقيات أبرمتها قبل أن يقول المجلس الوطني رأيه فيها، وعندئذ هو الذي يقرر الذهاب للاستفتاء من عدمه. ويصبح الموضوع ذا أهمية خاصة نظرا لأن المجلس الوطني لم ينعقد بجدية خلال العشرين سنة الماضية، وغيب تماما عما يجري، فضلا عن أن بعض أعضاء اللجنة التنقيذية لهم مواقف مسجلة عليهم تتعارض مع قرارات المجلس وما اصطلح على تسميته بالثوابت الفلسطينية.
3- قد يقال إن رئيس السلطة له الحق في ذلك بمفرده أو مع السلطة. وهذا قول لا سند له في النظام الاساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، ولا في القانون الاساسي للسلطة الفلسطينية في المرحلة الانتقالية. ومع احترامنا لرئيس السلطة، فانه من الخطأ تسميته بالرئيس الفلسطيني، حيث أن هذه التسمية قد تضلل البعض عن حقيقة الوضع القانوني، وبالتالي عما يملكه من صلاحيات. الأخ محمود عباس هو رئيس السلطة من جهة ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير،من جهة أخرى (وكان الأفضل الفلصل بين المنصبين) ولم ينتخب رئيسا لفلسطين. وانتخابه كرئيس للسلطة لم يشارك فيه سوى المواطنين الفلسطينيين في الضفة والقطاع، واختصاصاته، بهذه الصفة، هي ما أجازته اتفاقية أوسلو والقانون الاساسي للسلطة. أما اختصاصه كرئيس للجنة التنفيذية فقد حدده أيضا النظام الاساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، على الوجه الذي بيناه فيما تقدم. وداخل اللجنة التنفيذية فانه لا يتمتع باختصاص ينفرد به، خاصة في تقرير السياسات، وتستطيع اللجنة التنفيذية التي انتخبته رئيسا لها أن تعدل عن قرارها وتختار غيره من اعضائها لرئاستها. ولا يغيب عن البال أن المجلس الوطني ينتخب جميع أعضاء اللجنة التنفيذية، وأن اللجنة، لا المجلس الوطني، هي التي تنتخب رئيسا لها (المادة 13 من القانون الاساسي لمنظمة التحرير). وكانت هذه المادة تنص على أن يتولى المجلس الوطني نفسه انتخاب الرئيس، ثم عُدِّلَت بعد دخول المنظمات في المجلس الوطني للتأكيد على العمل الجماعي للجنة وعدم التمييز بين أعضائها، وتقرر أن تقوم اللجنة نفسها بانتخاب رئيسها، بدلا من أن ينتخبه المجلس الوطني، لأنه في هذه الحالة لا تستطيع اللجنة تنحيته، مما قد يؤدي الى احساسه بأنه في وضع متميز، ويستطيع التفرد في قرارات ومواقف، دون أن تستطيع اللجنة محاسبته عليها وتعاقبه بتنحيته عند الاقتضاء.
4- وليس في النظام الاساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية ولا في القانون الاساسي للسلطة الفلسطينية أي نص عن الاستفتاء. غير أن هذه الوثائق التأسيسية جاءت محددة بوضوح لصلاحيات كل من اللجنة التنفيذية للمنظمة ورئيس السلطة، ولا يجوز لهما تجاوز هذه الاختصاصات، بادعاء اختصاص لم تمنحه لهما هذه الوثائق التأسيسية التي هي مرجعيتهما. ويبقى الاختصاص في المجلس الوطني وحده بصفته المرجعية العليا فيما يتعلق بالقضية وصاحب الاختصاص الضمني في كل ما يتعلق بها وإن لم يرد نص صريح بذلك. ومما تجدر الاشارة اليه أن في المجلس الوطني لجان متخصصة تستطيع أن تنكب على دراسة الجوانب المختلفة للاتفاق بحيث ينكشف ما فيه من مزايا وعيوب تكون موضع حوار داخل المجلس، ومن بين هذه اللجان اللجنة السياسية واللجنة القانونية. وبناء عليه تستطيع اللجنة التنفيذية أن تتفاوض في حدود ما رسمه المجلس الوطني من سياسات، ولكن نتيجة هذه المفاوضات تخضع لموافقة المجلس قبل اجراء أي استفتاء، والمجلس نفسه هو الذي يقرر ذلك.
مشكلة انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني
5- المشكلة التي يواجهها الشعب الفلسطيني هو هذا التغييب الكامل للمجلس الوطني. لقد تفاوضت المنظمات بشأن هذا المجلس، واتفقت، ولكن اتفاقها لم ينفذ حتى الآن، ولا يصح أن يترك مصير المجلس الوطني بيد المنظمات. فالفصائل والمنظمات ليست هي كل الشعب الفلسطيني، في حين أن المجلس الوطني هو للشعب الفلسطيني كله، وليس للمنظمات. المنظمات لها أعضاؤها الذين يمثلونها داخل المجلس، ولكن وجود المجلس وانعقاده وقيامه بواجباته ليس مرهونا باتفاق الفصائل. وقد أفتت اللجنة القانونية في المجلس أيام أن تشرفت برئاستها بأن أية اتفاقيات تتم بين الفصائل لا تكون ملزمة للمجلس. من حقها أن تعرض على المجلس هذه الاتقاقيات، وللمجلس أن يرى رأيه فيها، حيث أن المجلس يضم مستقلين أيضا، وكنوا هم في معظم الاوقات الاغلبية. إن المسئولية عن تعطيل المجلس وتغييبه تقع على رئيس المجلس وعلى اللجنة التنفيذية وعلى الاعضاء أنفسهم الذين لم يطالبوا بشكل منظم بانعقاد المجلس. فالمادة 18 من اللائحة الداخلية للمجلس الوطني تنص على ما يلي: ” ينعقد المجلس دوريا بدعوة من رئيسه مرة كل سنة أو في دورات غير عادية بدعوة من رئيسه بناء على طلب من اللجنة التنفيذية أو من ربع أعضاء المجلس. فاذا لم يدع رئيس المجلس الى مثل هذا الاجتماع يعتبر الاجتماع منعقدا جكما بالمكان والزمان المحددين في طلب أعضائه أو طلب اللجنة التنفيذية”. الرئيس موجود، وكذلك اللجنة التنفيذية، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يكون قد مد في عمر ربع أعضاء المجلس بعد هذه المدة الطويلة على عدم انعقاده. والمجلس القائم لم يجر حله. أما الفصائل فلا دور لها في دعوة المجلس للانعقاد الا من خلال عضويتها في اللجنة التنفيذية أو الا اذا كان لها من عدد الاعضاء ما هو ربع أعضاء المجلس، أو تحالفت مع عدد كافٍ من أعضاء المجلس للوصول الى هذه النسبة. وقد تعمدت لجنة الميثاق والانظمة في المؤتمر التأسيسي لمنظمة التحرير الفلسطينية على ادراج هذا النص في النظام الاساسي للمنظمة لتقطع الطريق على امكانية تحكم رئيس المجلس الوطني أو اللجنة التنفيذية في دعوة المجلس الوطني للانعقاد، فأتاحت الفرصة للأعضاء أنفسهم لتوجيه هذه الدعوة، اذا توفرت النسبة المطلوبة واستطاعت توفير مكان للانعقاد. فاذا توفرت هذه النسبة عقد الاجتماع في المكان والزمان المحددين في الدعوة، سواء رضي رئيس المجلس أو اللجنة التنفيذية أم لم يرضيا. واذن فامكانية الدعوة للانعقاد موجودة، بعد اتخاذ الترتيبات اللازمة لذلك، وعلى الاعضاء والفصائل أن تنشط في هذا الاتجاه. المشكلة العملية هي في ايجاد الدولة التي تقبل أن تستضيف المجلس الذي بلغ عدد أعضائه في آخر اجتماع له حوالي أربعمائة. إن العدد الحالي لا شك أنه أقل من هذا بكثير، فقد توفي من توفي وأصبح عاجزا من أصبح بعد مضي حوالي عشرين سنة على آخر اجتماع جدي منتظم للمجلس. وعلى أية حال فقد كان المجلس ينعقد باعضائه وضيوفه، وبالامكان الاستغناء عن الضيوف والمراقبين، كما أن كثيرا من أعضاء المجلس كانوا يتحملون نفقات سفرهم واقامتهم، وعلى الفصائل أن تتحمل ذلك بالنسبة لممثليها.
ضم أعضاء جدد للمجلس الوطني وقضية الانتخابات
6- قد يقال إن المجلس الحالي لا يضم فصائل ظهرت على الساحة الفلسطينية ولا يجوز تجاوزها. هذا ضحيح، حيث أن المجلس يجب أن يضم ممثلين عن جميع القوى الفاعلة في المجتمع الفلسطيني. ولكن من الصحيح أيضا أنه لا يجوز فرض شروط مسبقة على من يجوز له أن يكون عضوا، وعلى وجه الخصوص لا يجوز أن يشترط عليه قبول جميع ما سبق للمجلس أن اتخذه من قرارات أو رسمه من سياسات. المجلس الوطني هو برلمان الشعب الفلسطيني، والبرلمانات تضم أعضاء من جميع الاتجاهات. وفي المجلس الحالي ذاته تم الاعتراف بوجود معارضة. وقد جرى ذلك في دورة الجزائر عام 1988، وهي آخر دورة فاعلة للمجلس. في تلك الدورة أقر المجلس وثيقتان، الاولى وثيقة اعلان الاستقلال، وجرى اعتمادها بالاجماع. أما الثانية فكانت البيان السياسي الذي حدد سياسة المنظمة للمرحلة القادمة. وهذه الوثيقة تمت الموافقة عليها بالاغلبية فقط، حيث كان هناك معارضة. وكان يقود المعارضة في ذلك الوقت المرحوم فقيد فلسطين الدكتور جورج حبش. وأقر المجلس مبدأ المعارضة كمعارضة معترف بها. هذه هي طبيعة العمل البرلماني السليم. أما محاولات فرض منظور معين على الجميع فذلك يتعارض تماما مع الديموقراطية البرلمانية التي تبناها الشعب الفلسطيني. وفي مسيرة المجلس الوطني لم يكن هناك اجماع الا على وثيقة اعلان الاستقلال. وأعضاء المجلس يذكرون أنه في دورة الجزائر بالذات نجح قرار عارضه الرئيس الراحل معارضة صريحة بالتكلم ضده أثناء مناقشته ثم اثناء التصويت عليه، وهو مشروع القرار الذي تقدمت به بصفتي رئيس اللجنة القانونية يطالب بوضع قانون اساسي للدولة العتيدة التي أعلن عن استقلالها في تلك الدورة. المجلس الوطني كان دائما سيد نفسه، كانت فيه معارضة وكان فيه حوار مسئول. ولذا لا يصح فرض شروط على عضوية المجلس تتعلق بالرأي أو الموقف السياسي، وها هي اسرائيل مثال بارز على ذلك حيث يضم الكنيسيت أعضاء من أقصى اليمين المتطرف غاية الطرف الى ما دون ذلك، ومجلس الوزراء كذلك، أم إن الحلال لهم حرام علينا؟.
7- ولكن كيف يمكن ضم أعضاء جدد للمجلس في ضوء التغيرات التي وقعت داخل المجتمع الفلسطيني بعد تشكيل المجلس الحالي؟ تعرضت لذلك المادة 32 من النظام الاساسي لمنظمة التحرير فنصت على ما يلي: “يحق للمجلس الوطني، وتعود له وحده صلاحية ضم أعضاء جدد اليه من حين لآخرن حسنما يرى ذلك ملائما، وبحسب ما تمليه متطلبات معركة التحرير، ومقتضيات تعميق الوحدة الوطنية، في ضوء أحكام الميثاق الوطني، وذلك وفق نظام تقدمه اللجنة التنفيذية في الدورة المقبلة”. ولا أذكر أن اللجنة التنفيذية تقدمت بهذا النظام، ومع ذلك يبقلى الأصل، وهو حق المجلس الوطني في ضم أعضاء جدد مراعاة للاعتبارات الواردة في المادة المذكورة. وبناء عليه يمكن للمجلس أن ينعقد بأعضائه الباقين الحاليين، وفي مقدوره في الجلسة الاولى أن يضم أعضاء جددا. وقد ضم المجلس أعضاء جدد، وهذا هو السبب في تضخم عدد الأعضاء. وهذا النص لا يترك ضم الاعضاء الجدد للمساومات بين الفصائل، وانما الذي يبت فيه نهائياً هو المجلس نفسه بقرار منه، بعد أن يستمع الى مبررات الضم. إن تطبيق هذه المادة يعين على عقد اجتماع للمجلس الوطني ليقوم بدوره من مراجعة السياسات السابقة التي اتخذها في ضوء تغير الظروف، ويكون مناسبة لانتخاب لجنة تنفيذية جديدة، ومساءلة اللجنة التنفيذية الحالية ومحاسبتها بطريقة دستورية سليمة، ويتيح في الوقت ذاته ضم أعضاء جدد لمشاركة القوى التي جدت على الساحة الفلسطينية، في انتظار انتخاب مجلس جديد. أنه لا يجوز أن يظل المجلس معطلا في انتظار اتفاق الفصائل أو في انتظار انتخابات جديدة، قد تقع أو لاتقع. ونود أن نُذَكِّرَ الإخوة بأن موضوع الانتخابات ليس جديدا، فقد تعرضت له المادة 5 من النظام الاساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية ونصت على أن يكون انتخاب الاعضاء “عن طريق الاقتراع المباشر من قبل الشعب الفلسطيني بموجب نظام تضعه اللجنة التنفيذية لهذه الغاية”. غير أن هذا النص قد تعذر تنفيذه تنفيذا كاملا، ذلك أنه، بعد اعلان قيام منظمة التحرير في القدس عام 1964 واقرار الميثاق الوطني والنظام الاساسي لمنظمة التحرير، تَقَدَّم المرحوم الاستاذ أحمد الشقيري (أبو مازن) بتقريره للقمة العربية وطلب أن يسمح له باجراء انتخابات للمجلس الوطني، فأحاله الرؤساء للتفاوض مع كل دولة عربية على حدة. وطاف أبو مازن بين هذه الدول، فلم توافق دولة واحدة على اجراء هذه الانتخابات من قبل الفلسطينيين المقيمين في أراضيها. ومن هنا جاء الاختيار بدلا من الانتخاب. فهل تغيرت الأوضاع؟ وهل سيسمح للفلسطينيين في الافطار العربية أن يجروا انتخابات حرة نزيهة، تحت مراقبة دولية كتلك التي أجروها عام 2006؟ وهل من مصلحة القضية أن يظل المجلس الوطني معطلا الى أن تتاح فرص الانتخاب؟ المجلس الحالي لا يزال قائما بالرغم من مضي المدة، ذلك لأن المادة 6(أ) من النظام الاساسي لمنظمة التحرير تنص على أنه “اذا تعذر اجراء الانتخابات الخاصة بالمجلس الوطني استمر المجلس الوطني قائما الى أن تتهيا ظروف الانتخابات.” كما أن الفقرة (ب) من نفس المادة تنص على أنه ” اذا شغر مقعد أو أكثر في المجلس الوطني لأي سبب من الاسباب، يعين المجلس العضو أو الأعضاء لملء المقاعد الشاغرة”.
8- نخلص من هذا الى أن المجلس الوطني هو صاحب القرار في اجراء الاستفتاء، وأنه بالامكان تفعيل هذا المجلس بحيث يضم كل القوى الفاعلة في الساحة الفلسطينية، وأن المماطلة في عقده لا مبرر لها، وانما تضر بالمصلحة الوطنية الفلسطينية.
مراعاة مسبقة لما تنص عليه الدساتير والقوانين
9- سبق أن ذكرنا أنه لم يرد بشأن الاستفتاء نصوص لا في النظام الاساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية ولا في القانون الاساسي للسلطة الوطنية. وفي هذه الحالة يراعى ما جرى عليه عرف الدول التي يشابه نظامها الدستوري النظام الفلسطيني، أي الدول ذات النظام البرلماني الديموقراطي وتعترف بالتعددية كأساس لهذا النظام.
موضوع الاستفتاء
10 – إن الإساءة الكبرى التي يتعرض لها الاستفتاء تكمن في نوعية طرح الاسئلة التي يراد الرد عليها إما بنعم وإما بلا. وقد سبق أن بَيَّنا أن موضوع الاستفتاء يجب أن يكون محددا في مسألة واحدة لا تحتمل سوى الرد بلا أو نعم، وقدمنا أمثلة على ذلك. وفي موضوع بخطورة استفتاء الشعب الفلسطيني على مصيره لا يجوز اطلاقاً التلاعب أو المناورة أو التعمية بالاستفتاء على رزمة واحدة هي الاتفاقية برمتها بحيث يطلب الموافقة عليها أو رفضها بالجملة. ومن المؤسف أصلا أن يصل الأمر الى الاستفتاء. الموضوع في الوقت الحاضر منحصر في انهاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967 ، وما ترتب عليه من آثار. وهذا سؤال لا يحتاج الى استفتاء، واذا أُريد طرحه، فالسؤال في غاية البساطة: “هل توافق على انهاء الاجتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية التي احتلت في حرب عام 1967 وما ترتب عليه ما آثار؟” وهو سؤال يمكن الاجابة عليه بلا أو نعم. ولكن يبدو من مجريات الأمور أن المفاوضات تسير في اتجاهات أخرى تحت تأثير المناورات الاسرائيلية الامريكية. فهناك حديث عن اتفاق مبادئ جديد أو اتفاق حول إطار عام للحل. وهذه كلها عبارات مبهمة خالية من التفاصيل، والمشكة دائما في التفاصيل، في كل نص على حدة وفي كل مسألة على انفراد. ولذا فاننا لا نرى جدوى من استفتاء من هذا القبيل.
11 – لقد جربنا اتفاق مبادئ أوسلو، ولن يختلف عنه، من حيث المبدأ، اتفاق أصبح يسمى باتفاق اطار للحل. وكما مضى على اتفاق اوسلو خمس عشرة سنة حتى الآن للوصول الى اتفاق اطار ضاعفت اسرائيل خلالها المستوطنات اضعافا وهودت القدس أو كادت، فاننا لا ندري ما الذي سيكون عليه الحال بعد خمس عشرة سنة اخرى تنقضي في مفاوضات عبثية أخرى لتفسير معنى “الاطار” وتعيين حدود اضلاعه الأربعة أو الاربعين. لقد سمى المحلل الاسرائيلي هذه الاتفاقية ب”اتفاق الرف” ووصف الجهود الميذولة للوصول اليها بأنها جهود دبلوماسية شكلية فقط، وأنها لعبة مسرحية تثير الانطباع بأن هناك حوارا يجري، وأن هدفها من جانب أولمرت هو ابعاد الميل الآخذ في التعزز في الاسرة الدولية باقامة دولة ثنائية القومية فوق “ارض اسرائيل كلها”. هل سيجري استفتاء على “اطار” خالٍ من مضمون محدد المعالم بدقة بحيث يمكن معرفة ما فيه؟ قد تجري محاولات، وقد يصور الاطار على أنه حقيقة ثابتة، ولكننا نعلم ان الاتفاقيات مع اسرائيل هي كالرمال المتحركة تجرف الحقوق الفلسطينية بسبب ما تنطوي عليه هذه الاتفاقيات المبدئية من غموض واختمالات متناقضة.
12 – لا نريد أن نخوض في التكهنات والاحتمالات فيما ستنتهي اليه هذه المفاوضات اذا استمرت، وأغلب الظن أنها ستستمر ولو لإرضاء الرئيس الامريكي. ولكن لنتصور في حدود ما يتوقعه الفلسطينيون من نصوص تتعرض للثوابت الفلسطينية. قد ينص الاطار على “انسحاب اسرائيلي لحدود هدنة عام 1949 مع تعديلات طفيفة”. هذا اطار مطروح من جانب أحد وزراء الخارجية العرب. وقد يكون اطار بالنسبة الى القدس ينص على أن “تكون المدينة موحدة وعاصمة للدولتين وتمارس كل دولة السيادة على الاجزاء منها التي يقطنها مواطنوها”. أو أن “فلسطين من النهر الى البحر هي الوطن التاريخي والقومي للشعبين الفلسطيني واليهودي”. هذه الامثلة ليست فرضيات، وانما جرى طرحها من جانب اسرائيل وقيل إن الرئيس أبو مازن قد وافق عليها عام 2005 وأن الاتفاق كان جاهزا، ولكنه وضع على الرف لأن انتخابات المجلس التشريعي عام 2006 جاءت على خلاف التوقعات. غير أنها، من الجانب الاسرائيلي على الأقل، تصلح أن تكون جزءأً ما اتفاق الاطار للحل. فهل تصلح هذه، حتى ولو أستفي عنها واحدة واحدة، أن تكون موضوع استفتاء؟ المغريات للمفاوض الفلسطيني واضحة، والصياغة الاسرائيلية تعمدت هذا، وقد يقع المقاوض الفلسطيني في حبال الاغراء هذه، ويوافق على طرحها للاستفتاء، وقد وقع فعلا في هذه الحبال، ونشرنا في القدس العربي مقالين بشأنها، أوضحنا فيهما المخاطر والمزالق، وطالبنا بنفي الاتفاق الذي زعمته الصحافة الاسرائيلية. ولم يصدر هذا النفي.
13 – من الناحية الشكلية فقط لا يجوز الاستفتاء على اتفاق كهذا بحيث يكون المطلوب هو الجواب بلا أو بنعم على الاتفاق في مجمله لأن كل بند من هذه البنود غامض وغير محدد. ففي موضوع الحدود، ما معنى “التعديلات الطفيفة” التي يراد ادخالها على حدود الهدنة؟ ثم في ضوء المتغيرات الديموغرافية التي تجريها اسرائيل يوميا في القدس وما ستجريه فيما بعد هذا الاتفاق، حتى ولو نص على التزامها بالامتناع عن اجرائه، ما الذي تبقى من القدس فلسطينيا في أرض الواقع؟ وهل بقي منها ما تمارس الدولة الفلسطينية السيادة عليه، باستثناء سيادة رمزية في أحسن الأحوال؟ وكذلك الأمر بالنسبة لكون فلسطين وطنا تاريخيا وقوميا للشعبين الفلسطيني واليهودي. القصد من وراء هذه الصياغة واضح. لا أحد يطعن في أن فلسطين وطن تاريخي وقومي للشعب الفلسطيني، ولكن موضع التساؤل هو الفرصية الثانية. عندما يكون اطار الاتفاق بهذا الشكل ويطرح للاستفتاء فان المُستَفتَى من ابناء الشعب الفلسطيني يقع في حيرة من أمره بسبب الغموض من جهة وظاهر الاغراء من جهة ثانية والتسليم بما لايمكن التسليم به من جهة ثالثة. ولذا لا يمكن الجواب عليه بلا أو نعم.
14 – ولذا يجب أن يتحول كل موضوع منها الى عدد من الاسئلة تطرح موضوعا محددا. فمثلا في موضوع الحدود تكون الاسئلة كالاتي: (1) هل توافق على الانسحاب الاسرائيلي الى حدود هدنة 1949؟” (2) هل توافق على ادخال تعديلات طفيفة غير محددة الآن على تلك الحدود؟” (3) ” اذا أجبت بنعم على السؤال الثاني، هل يجب أن تكون التعديلات محددة ومعروفة لكي توافق عليها؟” كل سؤال من هذه الاسئلة يحتمل الجواب بلا أو نعم دون أن يكون في الموقف غموض. ويمكن صياغة الاسئلة بالنسبة للموضوعات الأخرى استنادا الى هذه القاعدة. وهذا ينصرف الى كل نص من نصوص الاتفاق. فما ينال الموافقة يكون مقبولا وغيره يكون مرفوضا. وهناك جهات متخصصة في اجراء الاستفتاءات يمكن الاستعانة بها.
15 – إن الامثلة السابقة تبين الأهمية القصوى لوجوب دراسة جميع الاقتراحات والطروحات الاسرائيلية والفلسطينية على حد سواء دراسة تحليلية واعية متأنية، واعادة دراستها وتحليلها، من جهات غير تلك التي تفاوضت بشأنها والتي لا تكون متأثرة بأجواء قد لا تكون ملائمة، كمثل وجود العائلات والاطفال من الجانبين معا والمعايشة، كما حصل عند التفاوض على اعلان مبادئ أوسلو. المفاوضات الجادة ليست مناسبة للتفسح أو لإنشاء علاقات اجتماعية وأسرية. والجهة التي تستطيع أن تدرس وتزن يجب أن تكون غير الجهة التي تفاوضت، وفي الحالة الفلسطينية هي المجلس الوطني الفلسطيني ومستشارون مستقلون أكفاء كأولئك المحامين الذين مثلوا فلسطين أمام محكمة العدل الدولية في قضية الجدار.
من الذي يُسْتَفتَى؟
16 – سُئِل أحد مستشاري رئيس اللجنة التنفيذية، وما أكثر من يتبرعون بالردود والحديث للفضائيات، عن الفلسطينيين الذين سيجري استفتاؤهم، فأجاب فلسطينيو الضفة والقطاع، ومن هم في الشتات قدر الامكان. وغاب عن السيد المستشار أن غالبية أبناء الشعب الفلسطيني هم في الشتات، ولا يكفي ابدا في قضية مصيرية أن تكون دورهم “بقدر الامكان” بما تتضمه هذه الكلمات من استخفاف متعمد أو غير متعمد. وفلسطينيو الشتات لا يهمهم فقط موضوع حق العودة، وانما يهمهم أيضا كل ما يهم الأهل في الداخل. والتات الفلسطيني يشمل اللاجئين المقيمين في المخيمات وغيرهم من ابناء فلسطين من يعيشون خارج أرض الوطن، وهم ممثلون في المجلس الوطني الفلسطيني، وهم القادرون على ترتيب الاستفتاء وتنظيم الاشراف عليه، ومعظمهم ينتمي للجالية الفلسطينية في البلد الذي يقيم فيه. ومن المؤسف أن اللجنة التنفيذية حاربت كل تجمع فلسطيني في الشتات واعتبرته اعتداء على سلطاتها وأن هدفه الاطاحة بمنظمة التحرير. ونسيت اللجنة أن سلطتها مستمدة من هذا الشعب، في الوطن والشتات، وأنه هو صاحب القضية ومن حقه أن يتلاقى وأن ينظم نفسه لحماية حقوقه في وطنه والدفاع عنها، خاصة عندما يرى ما يراه من اللجنة وأعضائها. الاستفتاء يجب أن يشملهم جميعا، والمجلس الوطني وحده هو الذي يضع القواعد ويحدد اسلوب ووسيلة الاستفتاء بصفته جامعا لممثلي الشعب في الارض وفي الشتات.
مصير الاستفتاء
17 – والسؤال الأخير هو متى يعتبر الاستفتاء ملزما؟ تختلف الأعراف في هذا الشأن. فهناك من يشترط نسبة معينة يجب توفرها في المشاركين فيه من بين مجموع من لهم الحق في المشاركة ثم أن ينال الاستفتاء أغلبية معينة من بين هؤلاء، كالاغلبية البسيطة أو أغلبية الثلثين. ويشترط هذا كله عادة عندما يكون موضوع الاستفتاء ذا اهمية خاصة. وثمة اعراف تكتفي بالاغلبية البسيطة للمشاركين بغض النظر عن نسبة المشاركين من بين من لهم الحق في المشاركة. وحيث أنه لم يرد نص خاص بالاستفتاء في النظام الاساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، فلعله من المفيد الاستهداء بالأغلبيات المطلوبة لصحة قرارات المجلس الوطني، حيث أن المجلس مخول باتخاذ اخطر القرارات بالنسبة للقضية. وقد نصت المادة 12 من النظام على:” يتكون النصاب القانوني للمجلس بحضور ثلثي أعضائه، وتتخذ القرارات بأغلبية أصوات الحاضرين.” والنسبة الثانية الواردة في النظام تتعلق بتعديله وهي المادة 55 والتي تشترط أن يفوز التعديل بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس، وليس ثلثي الخاضرين. ونظرا لخطورة موضوع الاستفتاء وما ينطوي عليه من آثار فاننا نرجح أن ينال الاستفتاء في كل بند من بنوده التفصيلية موافقة ثلثي المشاركين فيه من المقيمين ومن هم في الشتات، أي ثلثي كل فئة على حدة بسبب اختلاف الظروف التي تحيط بكل فئة. وفي جميع الاحوال فان هذا الموضوع متروك ليرى المجليس الوطني رأيه فيه كعنصر من عناصر ترتيبات الاستفتاء.