لا للعودة لأساليب أوسلو ومصائبها

لا للعودة لأساليب أوسلو ومصائبها

مقدمة

1 – جاء اتفاق مكة المكرمة ثمنا للدم الفلسطيني الذي كان يجب ألا يسفك، وسيتحمل مسئوليته ليس فقط الذين أمروا بسفكه وانما أيضا أولئك الذين سمحوا له بأن يسفك وأولئك الذين ضغطت أصابعهم على الزناد ليقتلوا. فما كان من المتصور أن يقبل هؤلاء، مهما كان مصدر الأوامر، بأن يضغطوا على الزناد. كان عليهم أن يرفضوا اطاعة الأوامر ويتمردوا عليها. فالسلاح الذي في أيديهم كانت له مهمة أخرى، ولم يكن من بين مهامه أبدا أن يسلط على الأهل والاخوة، وعلى من يفترض فيهم أنهم شركاء في النضال. بماذا سيرد هؤلاء، قادة وأفرادا، على اسئلة ابنائهم ونظراتهم، وهل سيكونون أمناء على الدم الفلسطيني؟ كانت كارثة لا مأساة فقط، ولكن ما وقع وقع، والمهم الآن ألا تضيع هذه الدماء سدى بالعودة الى الخلافات أو الطموحات الحزبية أو الشخصية التي تسببت في سفكها، أو بافراغ اتفاق مكة الذي كانت ثمنا له من مضمونه.

2 – هناك بوادر تشير الى محاولات لدفن هذا الاتفاق واعتباره كأن لم يكن، بدلا من البناء عليه باتخاذ مواقف تدعمه وتحقق غاياته. لقد كان اجراء موفقا أن كلاً من الرئيس أبو مازن والأخ خالد مشعل قد قام بجولة لشرح الاتفاق وكسب التأييد له. فأول من يجب أن يلتزم به هو من وقع عليه، والتزامه ليس التزاما شخصيا فحسب وانما هو أيضا التزام بحكم المنصب والموقع. فعلى كل منهما أن يضبط تصرفات ومواقف المنتمين لحركته. وأول مؤشرات الانضباط هو حظر التصريحات والمقابلات على الفضائيات الا على ناطق رسمي واحد، يكون هو وحده المكلف بالتحدث باسم الجهة التي يمثلها. ويجب اختيار هذين الناطقين بعناية بحيث لا يرى أن من حقه أو واجبه أن يتفلسف فيعبر عن اجتهاداته الشخصية حول مفهوم الاتفاق أو تطبيقاته. هو ناطق فقط، وبهذا تقضي الحركتان على ذلك الفلتان في التعليقات والمقابلات والفلسفات التي كانت تنطلق على الفضائيات العربية والأجنبية.

3 – هذان التزامان أوليان، ولكن الى جانبهما، بل وقبلهما، هناك التزام مباشر على قيادتي فتح وحماس، وهذا الالتزام هو التواصل الدائم فيما بينهما في جميع الأمورن بحيث يعلم كل منهما بما يفكر به الآخر أو يعتزم القيام به. لا يجوز اطلاقا العودة الى شبه القطيعة التي كانت قائمة بين الرئيس ورئيس وزرائه أو وزرائه. فهذه القطيعة أغرت الاعداء وشجعتهم على التوهم بأنهم يستطيعون تعميق الخلافات واشعال نيران المنافسة غير الحميدة طمعا في التنازلات لكسب الرضا. وقد كنا نسمع ذلك الاصرار الغريب على التعامل مع الرئيس فقط وليس مع حكومته، وكأن الرئيس الفلسطيني دكتاتور من أمثال أولئك الذين اعتادوا على التعامل معهم أو أن الرئيس الفلسطيني سيتخلى عن خيار شعبه للمجلس التشريعي الذي جاء به وبالحكومة التي ترتبت على انتخابات كانت مفخرة للشعب الفلسطيني والرئيس الفلسطيني بالرغم من ظروف الاحتلال. يجب أن يكون التواصل مستمرا بحيث لا تتاح الفرصة لسوء الفهم أو لدس الدسائس أو الانفراد بالقرار. وعلى الرئيس الفلسطيني، بعد تشكيل الحكومة، أن يصر على وجوب التعامل معها بصفتها الحكومة الشرعية للشعب الفلسطيني. وأول من يجب الاصرار عليهم في هذا الشأن هم الحكام العرب والحكومات العربية.

4 – وكذلك يجب التواصل الدائم مع جميع القوى الاخرى في المجتمع الفلسطيني، سواء كانت داخلة في الحكومة أم لم تكن، وذلك بهدف توفير أكبر اجماع فلسطيني ممكن في جميع الأمور التي تهم الشعب الفلسطيني.

5 – لقد أعلن الرئيس أبو مازن في وقت من الأوقات بأنه يعتزم الاتصال برئيس وزراء اسرائيل بهدف اجراء مفاوضات بالطريقة التي انتجت اتفاقية اوسلو سيئة الذكر. ولا ندري ما اذا كان أبو مازن قد اتخذ هذه الخطوة أم لم يتخذها. فاذا كان قد اتخذها فيجب التراجع عنها، لأسباب متعددة، أولها أن من حق الشعب الفلسطيني أن يعرف من يتفاوض باسمه، خاصة بعد تجربة أوسلو المريرة. وفي هذا الشأن لا مفلا من المصارحة. إن الذين تولوا التفاوض حتى الآن باسم الشعب الفلسطيني لم يفشلوا فقط في الحصول له على أي حق من حقوقه، بل انهم أساؤوا الى تلك الحقوق. اننا لا نتهم أحدا في وطنيته، فليس هذا هو الموضوع، ولكننا غير مطمئنين الى كفاءتهم التفاوضية في مواجهة أدق واشيطن مفاوضين.

أضف تعليق